"بيت الحكمة".. مكتبة ومركز ثقافي بالغوطة الشرقية لسد حاجة المتلهفين للقراءة والمعرفة

جاء العصر العباسي وكان بداية ازدهار الحضارة الإسلامية، فازدهرت العلوم والآداب، واهتم الخلفاء بالعلم والمعرفة، وبدأت حركة الترجمة في كل المجالات  " الطب والفلك والهندسة والآداب،.... إلخ" ، وكانت تلك الكتب تحفظ في قصر الخلافة ببغداد، حتى جاء هارون الرشيد فقام بإخراج المخطوطات والكتب القيمة التي تم تخزينها في قصر الخلافة ووضعها في دار فاخرة أسماها بـ "بيت الحكمة" تقديراً لرسالتها.

وامتداداً لهذه المنهج الثقافيّ، أنشأ عدد من أهالي مدينة الغوطة الشرقية، مكتبة تحمل نفس اسم المكتبة العربية القديمة، لعلّها تقوم بالدور نفسه الذي لعبته "بيت الحكمة" قديماً، من حيث نشر الثقافة والمعرفة، والتي تم افتتاحها منذ أكثر من ثلاث سنوات، فإلى أى شئ وصلت اليوم مكتبة "بيت الحكمة" بالغوطة الشرقية، ومالدور الذي لعبته خلال الفترة الماضية، وغيرها من التساؤلات التي أجابتنا عليها، المسؤولة عن مكتبة بيت الحكمة ورئيسة مجلس إدارتها، خولة ، في حديثها الخاص لـ "صوت دمشق".

يعود تاريخ افتتاح مكتبة بيت الحكمة للسادس من يونيو/ تموز لعام 2013 ، والمكتبة عبارة عن مشروع ثقافي مستقل غير تابع لأي جهة ، تهدف للنشر، حب القراءة والعلم والمعرفة في قلب كل فئات المجتمع، و توجد في مدينة الغوطة الشرقية.

ولا يقتصر دور مكتبة بيت الحكمة على توفير الكتب للقرّاء، فهناك عدد من النشاطات والفعاليات التي يُنظّمها الكادر الإداري للمكتبة، التي تسعى إدارتها لإطلاق معرض للكتاب على غرار "ربيع وكتاب" الذي أقيم في حزيران الماضي، بحسب خولة، مشيرًة إلى اختيار الاسم جاء بعد تفكير وقد وقع الاختيار على اسم "بيت الحكمة"، نسبة لاسم مكتبة "بيت الحكمة" أهم مكتبات العصر العباسي، فأحببنا من خلال الاسم أن نعيد فكرة إحياء التراث ونشر العلوم والفكر الحر في فترة كانت الأصعب في الغوطة الشرقية ، لأن  التأسيس انطلق بعد التحرير ونيل المنطقة اسم مناطق محررة خارجة عن سيطرة الأسد بعد شهرين كاملين من العمل وجمع الكتب وتجهيزها وتصنيفها وفق نظام معين من قبل الفريق.

وأكدت خولة على أنّ من أهم أهداف المكتبة : نشر حب القراءة والمعرفة في قلب كل انسان و زيادة عدد الزوار من كافة أطياف المجتمعن بالإضافة إلى تشجيع الاطفال على القراءة من خلال القيام بنشاطات دعم نفسي وحملات ومسابقات تشجع على القراءة، كما تهدف المكتبة إلى زيادة عدد الكتب وامتلاك كتب تلبي حاجة القراء، وتعمل أيضا على تنظيم ندوات ومحاضرات للتشجيع على القراءة، وتساهم في تنمية المجتمع بشكل عام، مما يساهم في تعريز العلاقات مع كافة الفعاليات الموجودة داخل الغوطة للمساهمة في بناء غد أفضل لسوريا.

وعن أهم الأنشطة التي قدّمتها المكتبة، قالت خولة ، في البداية عملنا على توفير جو مناسب للقراءة داخل قاعات المكتبة ، ولكن هذا لا يمنع من احتضان بيت الحكمة للعديد من الفعاليات الثقافية والاجتماعية، مما جعلها أشبه بمركز ثقافي متكامل ومن بعض النشاطات التي تشرفت بيت الحكمة برعايتها: احتفالية "يلا نعيد" في عيدالفطر بالتعاون مع فريق شباب نحو مجتمع اسلامي،  واحتفالية "لعبة وعيدية" في عيد الاضحى بالتعاون مع المكتب الاغاثي الموحد،  كما وفرنا العديد من دورات التنمية والنشاطات التربوية ومحاضرات تختص بالدعم النفسي، بالإضافة إلى رحلات طلابية عديدة ، ومسابقات تشجع على القراءة من أهمها (رمضان التحدي 2016)

وأضافت : تعاونت المكتبة مع مكتب التربية ومكتب المرأة في المجلس المحلي في البلدة وفعاليات مختلفة آخرى،  كما يسر بيت الحكمة التعاون مع فرق داخل المناطق المحررة في سوريا والفرق الداعمة للثورة السورية خارج سوريا حيث كان تعاون مع فريق كتاب لجيل بان في كثير من نشاطات القراءة المشجعة على القراءة.

وتابعت : تقدم "بيت الحكمة" خدمات البحث العلمي من خلال تزويد الطلاب الجامعين بالنت داخل المكتبة للمساعدتهم على كتابة حلقات البحث وتزيدهم بالمعلومات والكتب الغير موجودة داخل المكتبة.

وأوضحت خولة أن  صفحة  المكتبة على موقع "الفيس بوك" وقناة "التلغرام" هما نافذتا بيت الحكمة للتواصل الفكري مع محبي القراءة من خلال تشجبعهم على القراءة لأننا نعمد أسلوب التشويق عن طريق ذكر مقتطفات من رواية أو كتاب لتحفيز القارئ للبحث وقراءة الكتاب.

وأضافت : نقوم من خلال الصفحة بالترويج لبيت الحكمة واعلاناتها وأوقات الدوام ونشر مواعيد المحاضرات وتوثيق نشاطاتها، ونتواصل عبر الرسائل الخاصة مع محبي القراءة لمساعدتهم بتحميل روابط أو استفسار عن أي أمر يتعلق بالكتب.

وعن نظام المكتبة ، قالت لدينا فترتين في المكتبة ضمن دوام يومي فترة للذكور وفترة للإناث، ومن أكثر الكتب قراءة التنمية البشرية والتربية والعلوم الشرعية واللغة العربية وقسم الدراسات والتاريخ.

وأوضحت أن معظم كتب المكتبة أمانات مستودعة ، وجزء بسيط ملك المكتبة لذلك لايوجد إعارة خارجية، ونتيجة  للقصف والوضع الأمني وخطورة الظروف وحفاظاً على كتب المكتبة، اعتمدنا نظام القراءة داخل المكتبة فقط.

وأشارت خلال حديثها لـ "صوت دمشق" أن الاقبال على القراءة يعد جيد، ونسبة اقبال الإناث أعلى من الذكور، خاصة من فئة المراهقين بالإضافة إلى طلاب الجامعات للقيام بحلقات بحث تساعدهم في التطور العلمي.

أما عن رأيها في فكرة انتشار المكتبات في الوضع الغير آمن الذي تمر به المناطق المحاصرة في سوريا، ترى خولة أن "فكرة انتشار المكتبات في وضع مثل وضعنا ضروي وحاجة ماسة، لأن الغذاء الروحي والفكري أهم من الغذاء المادي وأثبتنا للجميع أن النظام قد يستطيع محاصرة البطون ولكن العقول لا أحد يستطيع السيطرة عليها."

أما عن الجهات الداعمة لهم، فتقول خولة :  توجد جهة داعمة لبيت الحكمة من خلال فكرة تقديم عروض، والرعاية تتجدد كل ثلاث أو ست أشهر أو أكثر وقابلة للتمديد، حيث تشرفنا برعاية جريدة عنب بلدي ورابطة الأحرار المهاجرون وموسسة الهدى التربوية لمدة ست أشهر، وأخيراً منظمة "تبني الثورة" التي تقدم الرعاية والدعم منذ أكثر من سنتين بشكل عام للمكتبة .

ولخصت خولة الصعوبات التي تواجههم اليوم، قائلة : إنّ الصعوبات كثيرة ولكن أهمها حالياً هو القصف المستمر المحيط بالمنطقة  وهذا الأمر واقع على كل الغوطة،  كما أنّنا نعاني من عدم استطاعتنا شراء كتب لأنه لايوجد كتب بسبب الحصار الخاتق ، و يمنع النظام أهالي الغوطة  من الدخول والخروج، وبالتالي  عدم استطاعتنا طباعة الكتب بسبب غلاء مواد الحبر والطباعة والورق، ناهيك عن بعض صعوبات التقنية ولكن الحمد لله إرادتنا قوية ومستمرين بشكل دائم.